القائمة الرئيسية

الصفحات

شريط الاخبار

اكادير بريس _ صدقي أزايكو .. أول معتقل سياسي أمازيغي يحرج الحسن الثاني

اكادير بريس _ صدقي أزايكو .. أول معتقل سياسي أمازيغي يحرج الحسن الثاني
اكادير بريس _ صدقي أزايكو .. أول معتقل سياسي أمازيغي يحرج الحسن الثاني
في مثل هذه الفترة من سنة 2004 كانت الحركة الأمازيغية على موعد مع "صعود أخير" لشاعر المأساة، علي صدقي أزايكو، الذي غادر مترجلا عن غبش حلم الاعتراف بلغة أمه، بعد أن تقدم وحيدا في سنوات الرصاص لإعلان ضرورة مراجعة مفهوم الهوية الوطنية، ما كلفه سنة مريرة داخل سجن "لعلو" بالرباط، استجمع فيها وحدته وأصدر ديوانا شعريا خالدا مليئا بالحسرة، وضع له اسم "إيزمولن"؛ أي الندوب.

الشاب اليافع القادم من تخوم دوار إكران ن تاونيغت، ضواحي تارودانت، ليواصل دراسته بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، شعبة التاريخ، سيقوده وعيه الأمازيغي، إلى الاعتقال سنة 1982، بعد إحراجه زيارة الملك الحسن الثاني لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية رونالد ريغان، بعد نشره لمقال "في سبيل مفهوم حقيقي لهويتنا الوطنية"، الذي نقله مراسل جريدة "نيويورك تايمز"، روبير كابلان، على صدر الجريدة الأمريكية في عدد 6 يونيو 1982 تزامنا مع زيارة الملك، تحت عنوان "المغرب بلد أمازيغي بقناع عربي".



الملك الراحل تعامل مع المقال بحساسية مفرطة، وأمر الجنرال الدليمي ومؤرخ المملكة عبد الوهاب بنمنصور، باعتقال أزايكو 3 أيام بعد ذلك، وجرى منع مجلة "أمازيغ" التي كانت تصدر مقالات النخب الأمازيغية في فترة الثمانيات، واعتقل مديرها أوزين أحرضان، والدكتور الطبيب الجراح أوسادن، والسوسيولوجي بوسكول، وبوخالف، وغيرهم من الكتاب الأمازيغ".

صدقي، الذي سُجن لسنة و17 يوما، بتهم "المس بأمن الدولة"، درس المرحلة الابتدائية بقرية تافنكولت في مركز إيمي نتانوت، وأكمل دراسته الثانوية لاحقا في مراكش، إلى أن أسعفته الظروف للحصول على الإجازة في التاريخ سنة 1968، بجامعة محمد الخامس، ثم تخرج في السنة ذاتها أستاذا من المدرسة العليا للأساتذة.

سنة 1970، سينتقل صوب الديار الفرنسية، للدراسة في جامعة السوربون بباريس، قسم التاريخ الاجتماعي، تحت إشراف عالم الاجتماع المعروف جاك بيرك، وهو ما ساهم بشكل كبير في تطوير ملكة البحث العلمي التاريخي لديه، لينتج كتبا في هذا الاتجاه أبرزها: "تاريخ المغرب أو التأويلات الممكنة"، "نماذج من أسماء الأعلام الجغرافية والبشرية المغربية"، "الإسلام والأمازيغ"، "ومعارك فكرية من أجل الأمازيغية"، وديوانين شعريين بالأمازيغية "تيميتار' و"إزمولن"، وغيرها من الإصدارات المرجعية لدى الحركة الأمازيغية.

بدايات كتابات علي صدقي أزايكو السجالية انطلقت منذ 1968، حيث حرَّر بشكل قار في جريدة صوت الجنوب، كما أنه دائم الدخول في نقاشات حادة مع القوميين العرب داخل أركان مجلة "كلمة"، إبان سنوات بدايات السبعينات، وهو ما سيرخي بظلاله على علاقته باتحاد كتاب المغرب، الذي حرمته قيادته من جائزة الاتحاد سنة 1998، رغم مطالبة أغلب الكتاب بضرورة إعطاءها له، عن ديوان "إيزمولن".



ديوان "إيزمولن"، الذي يعتبر أحد أقوى التكثيفات الشعرية تجسيدا للتعلق بالأرض والهوية والحكي عن الشوق للأصل والبحث عنه، شكل مادة دسمة للعديد من المغنيين الملتزمين الأمازيغ، على رأسهم الفنان عموري مبارك، الذي غنى ولحن العديد من قصائد "دا علي"، كما يلقبه "إمدوكال"، فضلا عن الفنان حسن إد باسعيد الذي لحن وغنى العديد من أشعاره أبرزها "إكاليون أورنكادان" "الأراضي غير متساوية"، و"نكاراغ ديجديكن"، "فارقت الأزهار"، ثم سيأتيه تكريم رمزي من قبل المشرفين على مهرجان "تيميتار" بأكادير، حيث سميَّ الاسم تيمنا بديوانه الذي يحمل نفس الاسم.

وفاة المثقف الملتزم والخلوق، كما أطلق عليه الكثير ممن عاشروه، ستكون سنة 2004، بعد صراع طويل مع مرض مزمن، ليدفن في مسقط رأسه، في جنازة مهيبة، حضرتها قيادات الحركة الأمازيغية، وأخرى من مختلف الأطياف، وارت رجلا سبق زمانه وتنبه في وقت مبكر إلى "ضرورة إعادة كتابة تاريخنا، وتحريره من التوجه الذي يلغي بشكل سافر دور الشعب الأمازيغي، في صنع تاريخه وثقافته. إنها لأكبر عملية تزوير شهدها تاريخ الإنسانية المعروف"، كما كتب أزايكو يوما.

تعليقات